الحمل بعد اليأس المبكر

بعد الوصول إلى سن البلوغ، يبدأ إنتاج وإفراز الهرمونات الجنسية في جسم الإناث. تقوم هذه الهرمونات بضبط وتنظيم دورة الإباضة. بشكلٍ طبيعي تستمر عملية الإباضة حتى سن 45 عاماً. عادةً وبعد 45 عاماً وبظهور اليأس (انقطاع الطمث)، فإن المبيضين يعانيان من خلل في عملهما وبالتالي تتوقف عملية الإباضة بالكامل لذلك لن تكون المرأة قادرة على الحمل بشكلٍ طبيعي. وفي حالات قليلة، تواجه النساء اليأس المبكر (انقطاع الطمث المبكر).

في بعض الأحيان تتسبب بعض الظروف بحدوث اليأس وانقطاع الطمث قبل سن الـ 40 من العمر لذلك يُطلق على هذه الحالة اسم اليأس المبكر. إن العديد من النساء لا يتوقعن حدوث اليأس قبل سن الـ 40 من العمر لذلك فإن الإصابة باليأس المبكر تؤدي إلى القلق وفقدان الأمل من إنجاب الأطفال. على الرغم من أن الحمل بعد اليأس المبكر يترافق بالعديد من التحديات إلا أنه غير مستحيل. في حال أدركت المرأة ظهور أعراض اليأس المبكر في الوقت المناسب فإن هناك إمكانية لحدوث الحمل من خلال طرق الإخصاب المساعد مثل عملية أطفال الأنابيب  والحقن المجهري. وفي حال لم تكن جودة البويضات أو مخزون المبيض من البويضات غير مناسبين لإجراء عملية أطفال الأنابيب، فإنه يمكن إجراء الإخصاب من خلال التبرع بالبويضات.

سنقوم في هذه المقالة بالتعرف على أسباب وأعراض اليأس المبكر (انقطاع الطمث المبكر)، تأثيره على الحمل والطرق المتوفرة للحمل والإنجاب بعد اليأس المبكر.

ما هو اليأس المبكر؟

يطلق على الحالة التي يحدث فيها توقف لدورة الإباضة قبل سن الـ 40 باليأس المبكر (انقطاع الطمث المبكر). يحدث اليأس المبكر عندما تتوقف العادة الشهرية وتختفي لمدة 12 شهراً متتالية. تتعرض 1% من الإناث تحن سن الـ 40 لليأس المبكر.

بعض أعراض متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS) تشابه أعراض مرحلة ما قبل اليأس. من الممكن في بعض الأحيان أن يتم الخلط خطأً ما بين اضطراب الدورة الشهرية في متلازمة المبيض المتعدد الكيسات واليأس المبكر. لهذا السبب فإنه من الصعب التفريق ما بين كسل المبيضين عن اليأس المبكر ولهذا السبب فإن يجب إجراء عدد من الفحوصات الطبية والتحاليل الهرمونية مثل AMH، FSH وLH. اعرف المزيد عن تحاليل العقم للسيدات: الفحوصات والتحاليل اللازمة للمرأة قبل البدء بإجراء علاج العقم و اطفال الانابيب

ما هي أسباب اليأس المبكر؟

إن انخفاض مستويات هرمونات الإستروجين والبروجسترون يؤدي إلى حدوث اليأس (انقطاع الطمث). يقوم الإستروجين بتنظيم الدورة الشهرية في حين يقوم البروجسترون بتهيئة الجسم لعملية الحمل. تبدأ مرحلة ما قبل اليأس عندما يحدث انخفاض في إنتاج هذه الهرمونات من قبل المبيضين. مع مرور الزمن تنخفض مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون المنتجة من قبل المبيضين وفي النهاية يتوقف هذا الإنتاج بالكامل. وبالتزامن مع توقف إنتاج هذه الهرمونات تتوقف الدورة الشهرية أيضاً. تظهر أعراض اليأس عادةً بعد سن الـ 45 عاماً في حين أن الإناث اللاتي تعانين من اليأس المبكر فتبدأ هذه الأعراض بالظهور في سنوات مبكرة من العمر.

إن اليأس المبكر من الممكن أن يحدث بدون أسباب وبشكلٍ طبيعي وفي بعض الأحيان قد يكون ناتجاً عن عوامل مثل العلاج الكيميائي وبعض العمليات الجراحية. يحدث اليأس المبكر بشكلٍ طبيعي عندما يتوقف المبيضين عند المرأة عن إنتاج بعض الهرمونات وخاصة هرمون الإستروجين أو عندما يصبح إنتاجهما لهذا الهرمون قليلاً. إن سبب قصور المبيضين غالباً يكون غير معروفاً إلا أنه في بعض الحالات قد يكون ناتجاً عن الأسباب التالية:

• الأمراض الوراثية

  إن الاضطرابات الوراثية هي أكثر أسباب اليأس المبكر شيوعاً والتي تتسبب بـ 30% من حالات اليأس المبكر (انقطاع الطمث المبكر). إن الاضطرابات الوراثية مثل متلازمة تيرنر، تثلث الصبغيات 13 و18، الاضطرابات الاستقلابية الوراثية، الاضطرابات المناعية والمناعة الذاتية هي من جملة الأسباب المؤدية إلى اليأس المبكر.

• الإصابة ببعض الأمراض المزمنة

  إن الإصابة ببعض الأمراض مثل السكري، الاضطرابات في الغدة الدرقية، الذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض إديسون وغيرها من الممكن أن تزيد من احتمال الإصابة باليأس المبكر.

• الأمراض الخمجية

  إن مرض النكاف هو من أكثر عوامل العدوى الخمجية المسببة لليأس المبكر شيوعاً. إضافةً إلى ذلك فإن السل الحوضي من الممكن أن تؤدي إلى قصور في المبيضين واليأس المبكر.

• نمط الحياة غير الصحي

  التدخين، النظام الغذائي غير الصحي، عدم الحركة بشكلٍ كافي وغيرها من الممكن أن تزيد من احتمال الإصابة باليأس المبكر.

• التاريخ العائلي

  إن احتمال الإصابة باليأس المبكر يكون أكبر لدى النساء من عائلات لديها تاريخ طبي في اليأس المبكر.

في بعض الأحيان يكون اليأس المبكر ناتجاً عن بعض العوامل مثل العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي في منطقة الحوض أو إجراء جراحة في المبيضين. إن هذه العامل قد تؤدي إلى خلل في عمل المبيضين وقصور مبكر في المبايض.

ما هي أعراض اليأس المبكر؟

يؤدي اليأس المبكر إلى تغييرات في جسم المرأة. يتم القيام بتشخيص والتحري القطعي عن اليأس المبكر عندما تنقطع الدورة الشهرية (الطمث) لمدة عام كامل عن المرأة. مع ذلك، فإن أعراض اليأس تظهر عادةً قبل عام واحد من هذه الظاهرة. إن أولى علامات التي تُلاحظ في اليأس (انقطاع الطمث) هي الهبات الساخنة ولإحساس بالحرارة بشكلٍ مفاجئ. من الممكن أن تؤدي الهبات الساخنة إلى احمرار البشرة وظهور البقع عليها إضافةً إلى زيادة في ضربات القلب بشكلٍ مفاجئ. من الأعراض الأخرى التي تدل على انقطاع الطمث المبكر يمكن الإشارة إلى كلٍ مما يلي:

• الدورة الشهرية غير المنتظمة

  التغيير في نمط الدورة الشهرية هي أولى المؤشرات والعلامات الملحوظة على اليأس المبكر. في بعض النساء من الممكن أن تتكرر الدورة الشهرية قبل انتهاء الشهر وفي البعض الآخر قد تحدث الدورة الشهرية كل عدة أشهر مرة واحدة.

• التعرق الليلي

  إن التعرق الليلي هو أحد العلامات والمؤشرات على اليأس المبكر والذي يؤدي إلى هبات ساخنة عند وقت النوم. إن هذه العلامة من الممكن أن تستمر لعدة سنوات.

• اضطراب النوم

  إن اليأس المبكر من الممكن أن يؤدي إلى اضطراب في النوم. وبذلك فإن بعض النساء يشتكون من عدم حصولهنّ على نومٍ عميق أو معاناتهم من مشكلات في النوم. إن مشكلات النوم في هذه المرحلة ناجم عن التعرق الليلي أو القلق.

• جفاف المهبل

  قد يحدث كل من الجفاف، والحكة والانزعاج من منطقة المهبل خلال مرحلة اليأس. إن انخفاض مستويات هرمون الإستروجين في هذه المرحلة يؤدي إلى جفاف المهبل، رقة وتضرر في النسيج المكون لجدار المهبل. لهذا السبب قد تشعر بعض النساء بألم أثناء الجماع لهذا السبب.

• مشكلات بولية

  من الممكن أن يسبب اليأس المبكر خللاً في عملية التبول وتواترها. إن النساء خلال مرحلة اليأس يكنّ أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البولية لذلك يكنّ بحاجة بشكل أكبر للذهاب إلى دورات المياه. في بعض الأحيان يترافق اليأس المبكر بحرقة أثناء عملية التبول.

• تغيرات عاطفية

  إن النساء خلال مرحلة اليأس المبكر وبسبب التغيرات الهرمونية يعانين بشكلٍ أكبر من الاكتئاب والتقلبات المزاجية. في الكثير من الحالات، تؤدي هذه التغيرات العاطفية إلى اضطراب في النوم أو انخفاض الرغبة الجنسية لدى النساء.

• مشاكل في التركيز والتعلم

  إن اليأس المبكر من الممكن أن يؤثر على القدرة على التركيز والذاكرة قصيرة الأمد.

• انخفاض القدرة على الإنجاب

  خلال مرحلة اليأس، تنخفض مستويات هرمون الإستروجين بشكلٍ ملحوظ. يقوم هذا الهرمون بضبط دورة الإباضة. لهذا السبب فإن ذلك يؤدي إلى اضطراب في عملية الإباضة وبالتالي تراجع في فرصة حدوث الحمل.

• تغيرات ظاهرية

  من الممكن أن يؤدي اليأس المبكر إلى زيادة في الدهون في منطقة البطن، الوزن الزائد، صغر حجم الثديين وتساقط الشعر وضعفه.

كيف يتم تشخيص اليأس المبكر؟

في حال ظهور أعراض اليأس المبكر، فإنه يجب على الشخص مراجعة طبيب متخصص. لذلك يقوم الطبيب ومن أجل تشخيص اليأس المبكر بشكلٍ قطعي طلب إجراء عدد من التحاليل والفحوصات والتي تتضمن كلاً مما يلي:

• تحليل فحص مستويات الإستروجين
• تحليل الهرمون المضاد لمولر (AMH)
• تحليل فحص مستويات الهرمون المنشط للجريبات (FSH)
• تحليل هرمون الغدة الدرقي
• تحليل هرمون البرولاكتين
• التحليل الوراثي للكروموسومات (كاريوتيب)

في الخطوة التالية، يقوم الطبيب وبمساعدة التصوير بالموجات فوق الصوتية (السونوغرافي)، بدراسة أعراض قصور المبيضين. في النساء اللاتي لديهنّ قصور في المبيضين، يلاحظ انخفاض في حجم المبيضين لديهن كما أن الجريبات المبيضية لا تكون بحجم وجودة جيدين. (لا تنمو بشكلٍ كافٍ.)

الحمل بعد اليأس مبكر

يتسبب انقطاع الطمث أو اليأس بظهور مشكلات العقم بالنسبة للنساء. إن التغيرات الهرمونية خلال مرحلة اليأس، يؤدي إلى اضطراب في الدورات الشهرية وبالتالي مواجهة عملية الإباضة للاضطراب والخلل. لهذا السبب فإن الحمل في هذه المرحلة صعبة ولكنها ليست مستحيلة. في المرحلة التي تسبق اليأس قد تحدث عملية الإباضة كما أن الحمل والإنجاب ممكن الحدوث أيضاً. تشير الدراسات العلمية إلى أن 5% إلى 10% من النساء اللاتي يعانين من اليأس المبكر من الممكن أن تقوم بالإباضة والحمل والإنجاب.

يترافق اليأس المبكر مع انخفاض عدد وجودة البويضات ولهذا الأمر تأثير ملحوظ في قدرة النساء على الإنجاب. في حال الانتباه لأعراض اليأس المبكر في الوقت المناسب وقامت بمراجعة الطبيب المتخصص فإن هناك احتمال لإمكانية حدوث الحمل بطرق الاخصاب المساعد مثل عملية أطفال الأنابيب  والحقن المجهري. في هذه الطريقة يقوم الطبيب ومن خلال وصف أدوية هرمونية بتحريض المبيضين على الإباضة. وبعد نضج البويضات يتم استخراجها من المبيضين من خلال عملية ضمن العيادات الخارجية ليتم بعد ذلك تلقيحها مع الحيوانات المنوية للزوج ضمن ظروف المختبر. وفي النهاية يتم نقل الجنين ذو الجودة العالية إلى رحم الأم. إن استخدام طرق الإخصاب المساعد يزيد من فرص حدوث الحمل في حالة اليأس المبكر.

في حال توقف الدورة الشهرية بالكامل في النساء اللاتي يعانين من اليأس المبكر، فإن عدد البويضات ينخفض بشكلٍ كبير كما أن البويضات المتبقية تكون ذات جودة منخفضة للغاية وغير كافية للحمل. لهذا السبب ومن أجل الحمل يجب استخدام طرق بديلة. وفي حال كانت الحيوانات المنوية للزوج ذات جودة مناسبة فإن أفضل طريقة للحمل هي استخدام طريقة التبرع بالبويضات.

لحسن الحظ فإن اليأس المبكر لا يتسبب في اضطراب في عمل ووظيفة الرحم وبالتالي فإن بإمكان الرحم العمل والقيام بوظيفته كما هو الحال بشكل طبيعي. لهذا السبب فإن الأشخاص المصابين باليأس المبكر بإمكانهم الحمل من خلال التبرع بالبويضات.

في طريقة التبرع بالبويضات، فإن النساء الشابات المتطوعات للتبرع بالبويضات، يتلقين أدوية لتحريض الإباضة تحت إشراف الطبيب. يتم إخراج البويضات من المبيضين المانحين ليتم إلقاح هذه البويضات باستخدام الحيوانات المنوية للزوج. بعد ذلك يتم نقل الأجنة ذات الجودة العالية إلى رحم الأم لكي تكمل نموها.

في حال كانت المرأة إضافةً إلى اليأس المبكر كانت تعاني من مشكلات رحمية أيضاً، فإن الطريقة البديلة للحمل هي التبرع بالبويضات والرحم البديل.

اليأس المبكر والتحديات العاطفية

إن النساء اللاتي يعانين من اليأس المبكر يواجهن العديد من التحديات عاطفية. الإحساس بالفقد بشكل غير متوقع، إضافةً إلى أن الحزن واليأس من إنجاب طفل وتكوين أسرة سعيدة قد يكون أمرًا مؤلمًا للغاية. في حال كنتنّ تعانين أيضاً من هذه التحديات العاطفية فإنه يجب أن تعلمن بأن هذه الحالة طبيعية. يتوجب عليكم في هذه المرحلة أن تطلبن المساعدة من المقربين والاستشاريين المحترفين. كما يجب أن تقرأن حول اليأس المبكر، أسبابه والطرق المتوفرة للحمل وأن تقمن باتخاذ قرار واعي وعقلاني. إن استخدام الطرق البديلة من الممكن أن يكون أمراً صعباً إلا أن الاختبار الواعي والعقلاني لهذه الطرق من الممكن أن يجلب السعادة والفرح لكم ولعائلتكم.

للحصول على المزيد من المعلومات حول طرق الحمل بعد اليأس المبكر تواصلوا معنا.

مراجع:

Early menopause

Early and premature menopause

Premature and Early Menopause