التغذية المناسبة قبل الحمل
قبل أن يتخذ الزوجان عادةً قراراً بالحمل والإنجاب فإنهما يبحثان عن الطرق التي تساعد في زيادة الخصوبة، احتمال نجاح الحمل وسلامة الجنين. إن اتّباع نظام غذائي سليم والوصول إلى وزن صحي قبل الحمل هو أحد الجوانب المهمة والمؤثرة في عملية الحمل. ذلك أن التغذية المناسبة وتناول المواد الغذائية الصحية والمغذية قبل الإقدام على الحمل من الممكن أن يكون عاملاً مهماً في تأمين المواد المعدنية والفيتامينات المطلوبة لجسم الأم خلال فترة الحمل إضافةً إلى كونها تساعد في نمو وصحة وسلامة الجنين.
إن تغيير النظام الغذائي وتحسين نمط الحياة قبل الحمل ليس له أهمية كبيرة بالنسبة للأم فحسب وإنما بالنسبة للأب أيضاً وبنفس درجة الأهمية. إضافةً إلى ذلك فإن الوزن الصحي قبل الحمل يمكن أن يساعد في سلامة الأبوين ورفع جودة البويضات والحيوانات المنوية إلى جانب زيادة فرصة تشكيل الجنين وبالتالي نجاح الحمل. (تعرف على المزيد حول تحسين جودة البويضات: نصائح لتحسين جودة البويضات ) من هذا المنطلق يوصي متخصصو التغذية الأزواج بتغيير نمط حياتهم قبل ثلاثة أشهر من الحمل على الأقل وتصحيح نظامهم الغذائي ليكون صحياً بشكل أكبر وذلك من أجل حمل صحي وسليم وناجح. إذا كنتم ترغبون بحدوث حمل وتبحثون عن نمط غذائي صحي ومناسب، كونوا معنا في هذه المقالة.
النظام الغذائي للنساء قبل الحمل
التغذية الصحية هي جزء مهم جداً ضمن عمليات التحضير للحمل. لا تتّبع الكثير من النساء نظاماً غذائياً صحياً قبل الحمل لذلك فمن الممكن ألّا يستطعن تأمين المواد الغذائية المطلوبة خلال فترة الحمل. إن النظام الغذائي المناسب والصحي علاوةً على تحسين جودة البويضات وتأمين المواد الغذائية الضرورية والمطلوبة خلال فترة الحمل، يمكن أن يساعد أيضاً في إيجاد وزن صحي ومتعادل قبل الحمل أيضاً. إضافةً إلى ذلك فإن تناول مواد غذائية صحية ومغذية وامتلاك BMI متوازن وصحي (نسبة الوزن إلى الطول) له دور مهم جداً في سلامة الأم خلال فترة الحمل إلى جانب مساعدته في تأمين نمو مناسب للجنين. إضافةً إلى ذلك، فإن التغذية المناسبة ليس لها أهمية قبل الحمل الطبيعي فحسب وإنما لها دور أيضاً في نجاح العلاجات المختلفة للعقم مثل الحقن المجهري، اطفال الانابيب والتلقيح الصناعي وغيرها. (اقرأ حول التغذية المناسبة قبل إجراء عملية أطفال الأنابيب)
هناك 4 أصناف غذائية يوصي بها خبراء التغذية الأمهات بتناولها قبل الحمل والتي تتضمن:
-
الكربوهيدرات (السكريات)
تشكل الكربوهيدرات أكثر من نصف نظامنا الغذائي اليومي وتعتبر ضرورية جداً لنشاطنا البدني. مع ذلك علينا الانتباه إلى أن تناول الكربوهيدرات فوق الحد الصحي يؤدي إلى السمنة وتقليل القدرة على الإخصاب. لهذا السبب فإن لتحديد المقدار المناسب لتناول الكربوهيدرات في النظام الغذائي قبل الحمل أهمية كبيرة.
علاوةً على ذلك، تتوفر معظم الكربوهيدرات اليوم على شكل سكريات مكرّرة وبدون نخالة. خلال عملية التكرير هذه، تفقد الكربوهيدرات المكررة كالخبز الأبيض، الطحين الأبيض، الرز الأبيض، والمعكرونة البيضاء وغيرها؛ قسماً كبيراً من المواد المغذية الأساسية والبقوليات. من بين المواد الغذائية التي تفقدها هذه السكريات المكرّرة نذكر مضادات الأكسدة، فيتامين B والحديد والتي من الممكن تساعد جميعاً في زيادة القدرة على الإخصاب. لهذا السبب يوصي خبراء التغذية بالاعتماد قدر الإمكان على البقوليات الكاملة مثل القمح الكامل، الأرز البني، الشوفان، الكينوا، الخبز الكامل، الشعير والذرة الصفراء فيما يتعلق بالنظام الغذائي ما قبل الحمل.
بالنسبة للنساء المصابات بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)، فإن عليهنّ تناول كميات أكبر من البقوليات الكاملة في نظامهنّ الغذائي مقارنةً بغيرهن. إن تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات المكررة من قبل النساء المصابات بمتلازمة PCOS، يزيد من مستويات الأنسولين في الدم الأمر الذي يؤدي إلى خلل في الدورة الشهرية. من هذا المنطلق فإنه من الأفضل أن تقلل هؤلاء النساء من تناول السكريات المكرّرة إلى أقل حدٍ ممكن قبل الإقدام على الحمل واستبدالها بالبقوليات الكاملة.
-
الفواكه والخضروات
تعتبر الفواكه والخضروات بمثابة متعددات فيتامين طبيعية. هذه المجموعة من المواد الغذائية علاوةً على غناها بالفيتامينات والمعادن، فهي غنية أيضاً إلى حدٍ كبير بمضادات الأكسدة الفيتوكيميكال أو المواد النباتية الثانوية. هذه الفيتوكيميكال هي عبارة عن مركبات كيميائية موجودة في النباتات وتعتبر مسؤولة عن منح النبات اللون، الطعم، الرائحة وكافة خواصه الأخرى.
تقوم كل من الفيتوكيميكال ومضادات الأكسدة الموجودين في الفواكه والخضروات بمحاربة الجذور الحرة في الجسم ومنعها من التسبب بأي ضرر على البويضات والحيوانات المنوية. لهذا السبب فإن تناول عدة وجبات من الفواكه والخضروات الطازجة ضمن النظام الغذائي قبل الحمل من الممكن أن يزيد من القدرة على الإخصاب إضافةً إلى سلامة الحمل ونجاحه. جدير بالذكر بأن الفواكه والخضروات الملونة مثل الفلفل الحلو أو الفلفل الرومي، الخضروات ذات الأوراق الخضراء الداكنة، الجزر، القرع، التوت بأنواعه، المشمش، والفواكه الحمراء وغيرها يجب أن تكون ذات أولوية أكبر خلال وضع النظام الغذائي.
-
منتجات الألبان
تتميز هذه المنتجات بأنها غنية بالكالسيوم. يساهم الكالسيوم في تقوية الجهاز التكاثري إضافةً إلى زيادة فرصة حدوث الحمل. لذلك تُنصح النساء بتناول 3 وجبات من الحليب، لبن الزبادي أو الجبن يومياً ضمن نظامهنّ الغذائي.
في النظام الغذائي قبل الحمل يجب تناول الألبان المبسترة. ذلك أن منتجات الألبان غير المبسترة يمكن أن تتسبب بظهور الأمراض التي من الممكن أن تشكّل خطراً على صحة الأم والجنين أيضاً.
-
البروتين
إن البروتين هو جزء ضروري في النظام الغذائي. أشارت الدراسات العلمية إلى أن تناول اللحوم يومياً إلى جانب البروتينات النباتية يمكن أن يزيد القدرة على الإخصاب. لهذا السبب، يَنصح خبراء التغذية الأمهات اللاتي يرغبن بالحمل والإنجاب بتناول اللحوم قليلة الدهون، الدجاج، لحم السمك، البقوليات، المكسرات والبذور الزيتية في نظامهنّ الغذائي.
علاوةً على الأصناف الغذائية سابقة الذكر، توصى الأمهات باحتواء نظامهنّ الغذائي قبل الحمل على المواد الغذائية التالية ليحصلوا على حمل أكثر سلامة وصحة، حيث تتضمن هذه المواد:
- حمض الفوليك: تحتاج النساء خلال سنوات الخصوبة والإنجاب إلى 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يومياً. إن حمض الفوليك أو فيتامين B9 هي مادة غذائية يمكن أن تقلل من التشوهات الخلقية التي يمكن أن تظهر في الجهاز العصبي للجنين. تظهر تشوهات الأنبوب العصبي عادةً في الشهر الأول من الحمل، لهذا السبب توصى الأمهات بالبدء بتناول كميات مناسبة من الأغذية والمكملات الغذائية الحاوية على حمض الفوليك قبل الحمل؛ والاستمرار بتناولها خلال مدة الحمل أيضاً. هذا ويوجد حمض الفوليك في الخضروات ذات الأوراق الخضراء، المكسرات، الفول، الحمضيات، لحم الكبد، الحبوب الكاملة وغيرها. في أغلب الحالات يقوم الأطباء بوصف مكمل غذائي دوائي للحوامل حاوي على حمض الفوليك وذلك أجل التأكد من تأمين حمض الفوليك اللازم لنمو الجنين.
- الحديد: يساعد الحديد في نمو مناسب للجنين طوال فترة الحمل. إن الكثير من النساء وبسبب الدورة الشهرية والنظام الغذائي قليل الحديد، لديهنّ مخزون قليل من الحديد. إن الجسم غير قادر على إنتاج الحديد ولكن يمكنه الحصول عليه وتخزينه عبر مصادر غذائية. لذلك فإن على النساء اتّباع نظام غذائي متنوع وغني بالحديد قبل الحمل وذلك من أجل الحصول على الحديد اللازم طوال فترة الحمل. إن كلاً من اللحم الأحمر، صفار البيض، لحم الكبد، السمك بأنواعه، البقوليات، الحبوب الكاملة، والشوكولاتة المرّة هي جميعها غنية بالحديد. ومن أجل امتصاص أفضل للحديد، يوصى بتناول المواد الغذائية الحاوية على الحديد إلى جانب مصادر غذائية غنية بفيتامين C كالحمضيات. وفي حال عدم القدرة على تأمين الحديد المطلوب عبر النظام الغذائي، حينها يقوم الطبيب بوصف المكملات الدوائية الحاوية على الحديد.
- اليود: إن نقص اليود يمكن أن يؤدي إلى مرض الغدة الدرقية. يحتاج الجسم إلى 150 ميكروغرام من اليود يومياً. في حين أن النساء الحوامل بحاجة إلى مقدار 250 ميكروغرام من اليود يومياً. يؤدي اليود دوراً مهماً في أداء سليم وطبيعي للدماغ خلال فترة الحمل. حيث أنه وفي حال عدم توفر اليود في الجسم بمستويات مناسبة، فإن دماغ الطفل وأدائه الذهني لن ينموا بشكل جيد وطبيعي. من هذا المنطلق، فإنه من الواجب الانتباه إلى كميات تناول اليود قبل الحمل. من المصادر الغنية باليود نذكر الأطعمة البحرية مثل الجمبري والأسماك، إضافةً إلى ذلك فإن الألبان، البطاطا المطبوخة، والبيض حاوية على اليود بكميات جيدة. علاوةً على ذلك فإن على النساء تناول الملح الحاوي على اليود قبل الحمل.
- الكالسيوم: إن المخزون الكافي من الكالسيوم في جسم الأم من شأنه أن يضمن صحة وسلامة الأسنان ونمو عظام الطفل في المستقبل. وفي حال كان مخزون الكالسيوم في جسم الأم قليلاً، حينها يقوم جسم الجنين بتأمين الكالسيوم اللازم لعمليات البناء من خلال عظام الأم الأمر الذي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام في المستقبل. يوجد الكالسيوم في الألبان، العدس، الفول، اللوز، السمسم، السبانخ، والملفوف.
المواد الغذائية الضارة في النظام الغذائي قبل الحمل
من الأفضل تجنب تناول المواد الغذائية التالية في النظام الغذائي قبل الحمل:
- الحبوب المكرّرة: الخبز الأبيض، الرز الأبيض، الطحين الأبيض (الكيك، البسكويت، والمعجنات).
- الكافئين: إن تناول كميات كبيرة من الشاي والقهوة يسبب اضطراباً في امتصاص الحديد والكالسيوم.
- اللحوم المصنّعة: السجق، الكالباس، النقانق وغيرها.
- اللحوم المدخنة والخام
- المأكولات المقلية والوجبات السريعة
- الأسماك الغنية بالزئبق مثل سمك الرنجات
- المُحلّيات الصناعية
- المشروبات الكحولية
النظام الغذائي للرجال قبل الحمل
لا ترتبط سلامة وجودة الجنين بجودة البويضة فحسب، وإنما تتعلق أيضاً بجودة الحيوانات المنوية أيضاً. يمكن للرجال رفع جودة الحيوانات المنوية قدرتهم على الإخصاب من خلال اتّباعهم لنظام غذائي صحي وذا قيمة غذائية جيدة. لهذا السبب فإن للتغذية الجيدة والصحية أهمية كبيرة سواءً بالنسبة للرجل والمرأة قبل عملية الإنجاب. بالنسبة للآباء الذين يرغبون بالإنجاب، يجب عليهم قبل 3 أشهر حمل زوجاتهم تحسين نظامهم الغذائي وتناول أقراص عديد الفيتامين الحاوية على الزنك، السلينيوم، فيتامينات E وB12. (اقرأ هنا طرق رفع جودة الحيوانات المنوية)
إن الأنظمة الغذائية الغنية بالفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، السمك، والبذور الزيتية (الجوز وبذور عباد الشمس) وغيرها تزيد من حركة الحيوانات المنوية وجودتها. بالمقابل فإن تناول اللحوم المصنّعة (السجق والكالباس)، الكحول، الكافئين والدهون المشبعة وغيرها من الممكن أن يتسبب بإضعاف الحيوانات المنوية.
ما هو تأثير الوزن الصحي على الخصوبة والإنجاب؟
إن الوزن الزائد أو انخفاضه عن الحد الطبيعي، كلاهما له أثر سلبي على الإنجاب. أشارت الدراسات العلمية بأن احتمال ولادة أطفال صغار لدى النساء اللاتي لديهن وزن منخفض أكبر من النساء الأخريات. من ناحيةٍ أخرى، فإن النساء اللاتي لديهنّ وزن زائد يكنّ معرّضات للإصابة بالسكري الحملي أو ارتفاع ضغط الدم أكثر من النساء الأخريات، الأمر الذي من الممكن أن يعرّض حياة كل من الأم وجنينها للخطر. لهذا السبب يوصي الخبراء في هذا المجال الأمهات بتحسين نمط حياتهنّ وإصلاح نظامهنّ الغذائي والمحافظة على وزن صحي قبل الحمل لكي يكنّ جاهزاتٍ له.
إذا كنتم ترغبون بالإنجاب وتبحثون عن نظام غذائي صحي ومغذي، يمكنكم التواصل مع خبراء التغذية لدينا.